مع تزايد احتمال تقديم سيف الإسلام القذافي للمحاكمة في ليبيا، بدأت الصحف البريطانية في التحقيق فيما أسمته صحيفة صنداي تلغراف "الأدوار المخزية للأكاديميين والسياسيين البريطانيين في جعل سيف الإسلام جديرا بالثقة", معربة عن أملها في أن تكشف المحاكمة جزءا من الفساد المثير للاشمئزاز الذي يطبع الحياة اليومية البريطانية.
وفي هذا الإطار كشفت صحيفة صنداي تايمز أن شركة يديرها وزير دفاع بريطاني سابق تبرعت سراً بمبلغ 100 ألف جنيه إسترليني لمؤسسة خيرية تابعة لسيف الإسلام ابن العقيد معمر القذافي وذلك بالتزامن مع حصول الشركة المذكورة على عقد بعدة ملايين من الجنيهات الإسترلينية. وتم الكشف عن هذا التبرع من خلال تحقيق سري لمدرسة لندن للاقتصاد (أل سي أي) قبل عامين، ولكن لم يتم الكشف عنه بسبب الحرج السياسي المحتمل. وقد قدمت شركة آرغوس أسكتلندا –التي كان النائب السابق عن حزب العمال آدم إنغرام مديرها- هذا المبلغ لمؤسسة سيف التي قدمته لاحقا لمدرسة لندن ضمن تبرع بمليون ونصف المليون جنيه إسترليني قدمه سيف الإسلام لتلك المؤسسة التي درس فيها للحصول على ولا يتوقع أن يكشف وولف المصادر الأساسية لهذا التبرع المثير للجدل, كما فعلت صنداي تايمز. وكان تقرير داخلي بمدرسة لندن قد أعطى اسم ثلاث شركات وافقت على تقديم تبرعات لمؤسسة القذافي, وقد علمت صنداي تايمز أن كلا من تلك الشركات قد وافقت على تقديم 100 ألف جنيه إسترليني.
وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط جورج جوف لوولف حينها إن الذي حدث يفهم منه أن الشركات كانت "تدفع رشوة إلى ليبيا للحصول على عقود". واستأجرت آرغوس أسكتلندا, وهي إحدى الشركات الثلاث، إنغرام في عام 2008 كمستشار للشؤون الليبية وكانت تدفع له أكثر من 40 ألف جنيه إسترليني سنويا, ووفقا للتقرير فإن الشركة متخصصة "في السعي للحصول على فرص تجارية في ليبيا، لا سيما في المجال العسكري". ووافقت آرغوس أسكتلندا على التبرع لمؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية في محاولة منها للحصول على عقود. وقد قدمت الهدية استجابة لالتماس من مستشار القذافي والمدير التنفيذي للإستراتيجية الاقتصادية الوطنية بليبيا عمران بخرس. وفي يوليو/تموز 2009 –في وقت قريب من وقت الموافقة على التبرع- أُعلن عن فوز مجموعة آرغوس بعقد قيمته عدة ملايين جنيه إسترليني من منظمة ليبيا للتنمية لبناء 10 جامعات, ومثل ذلك صفقة ضخمة لشركة وليدة. وفضلا عن تلك الشركة البريطانية فإن شركتي إمبرجيلو –أكبر شركة بناء بإيطاليا- ومؤسسة ياسر أوزكان التركية المتخصصة في الهندسة والمقاولات قدمتا تبرعات لمؤسسة القذافي. لكن صنداي تايمز نقلت عن الشركتين الإيطالية والتركية نفيهما الأسبوع الماضي أنهما قدمتا تبرعات للمؤسسة المذكورة.
الفسادوتعليقا على هذه القضية قالت صحيفة صنداي تلغراف إن أكثر شيء مثير للاشمئزاز حول هذه القضية هو عمليات الف الحياة اليومية لبريطانيا, التي تقدم نفسها على أنها تسلك الطريق الأخلاقي الأمثل, ولذلك تسمح لنفسها بتقديم الثناء لهؤلاء واللوم لأولئك حسب معايير أخلاقية. وتواصل الصحيفة فتقول "والواقع أن النخبة في بريطانيا غدت مطية طيعة للجميع، سواء المتنفذون الروس أو المستبدون الشرق أوسطيون, وإذا ما حصل سيف على محاكمة فإننا نأمل جميعا أن يسلط الضوء على أصدقائه من النخبة البريطانية، لأن المرء يمكنه أن يراهن على ما سيتم الكشف عنه في تحقيقات أمثال وولف لن يكون ذا شأن.وقبل أن يتصور أي شخص أن هذا الأمر يقتصر على حزب العمل، دعونا نتذكر الشخصية السياسية الكبيرة بحزب المحافظين تشارلز باول، وهو رئيس شركة ماغنا هولننغز التي تولت بناء أبراج القذافي في طرابلس, التي ربما تغير اسمها الآن لكن ما أثارته من مساوئ في بريطانيا لم ينقشع بعد، حسب صنداي تلغراف.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire